واتساب يستعد لثورة جديدة: ميزة ذكاء اصطناعي تحفظ التفاصيل لأجلك قريبًا

في خطوة جديدة تفتح أبواباً غير مسبوقة أمام تجربة المستخدم، تستعد “ميتا” لإطلاق واحدة من أبرز ميزات الذكاء الاصطناعي داخل تطبيق “واتساب”، وهي ميزة الذاكرة التفاعلية الذكية التي تتيح لـ “Meta AI” تذكّر التفاصيل التي يطلب المستخدم الاحتفاظ بها. هذه الإضافة المرتقبة تمثل تحولاً نوعيًا في طريقة استخدام التطبيقات اليومية، حيث تُقرّب الذكاء الاصطناعي من أن يصبح مساعدًا شخصيًا حقيقيًا، حاضرًا دومًا ويعرف ما يهمك، متى ما احتجت إليه.
من المساعد الآلي إلى الرفيق الرقمي
لطالما ارتبطت المساعدات الذكية مثل Siri وGoogle Assistant بالردود المحدودة أو تنفيذ الأوامر البسيطة، لكن ما تعمل عليه “ميتا” حاليًا يفتح الأفق لمرحلة جديدة كليًا. فبفضل التطور الكبير في قدرات نماذج اللغة الضخمة، أصبح بالإمكان تزويد هذه الأنظمة بقدرة على التعلّم من المحادثات والتفاعل معها بطريقة أكثر تخصيصًا.
الميزة الجديدة تتيح للمستخدم أن يطلب من “Meta AI” تذكّر معلومة محددة، كأن تقول له مثلًا: “تذكّر أن عيد ميلاد سارة في 5 مايو”، أو “احفظ لي عنوان هذا المطعم في دبي”. وبدلاً من أن تضطر للعودة إلى رسائل قديمة أو تطبيقات ملاحظات منفصلة، سيكون بمقدورك ببساطة أن تسأل واتساب: ما هو عنوان المطعم الذي طلبت منك حفظه؟، لتحصل على الإجابة فورًا.
متى تصبح الميزة متاحة؟
رغم أن هذه الميزة لم تُطرح بعد للعامة، إلا أن التقارير التقنية والمؤشرات المسربة من النسخ التجريبية تشير إلى أن مرحلة الاختبار الفعلي بدأت، وقد يتم طرح الميزة تدريجيًا خلال الشهور القليلة المقبلة. وكما جرت العادة، ستبدأ الإتاحة في أسواق محددة قبل تعميمها عالميًا.
ومن المتوقع أن تُطرح الميزة أولًا لمستخدمي “واتساب” في الولايات المتحدة، خصوصًا أن تجربة “Meta AI” هناك أكثر تكاملًا حاليًا مع النظام العام للتطبيق، سواء على الهواتف الذكية أو إصدار الويب.
تحكم المستخدم الكامل: أنت تقرر ما يُنسى وما يُتذكر
أحد أهم الجوانب التي يتم العمل عليها في هذه الميزة هو منح المستخدم سيطرة تامة على المعلومات التي يتم تذكّرها. فالميزة لن تعمل بشكل تلقائي ودون إذنك، بل ستعتمد بالكامل على أوامرك الصريحة. يمكنك طلب “تذكّر” معلومة، أو لاحقًا طلب “نسيان” ما تم حفظه مسبقًا. وهذا يضع الخصوصية في صلب التصميم، وهو أمر بالغ الأهمية في وقت تتزايد فيه المخاوف من جمع البيانات وتحليلها دون علم المستخدم.
من المتوقع أن يتضمن الإعداد قسمًا مخصصًا لإدارة هذه “الذاكرة”، بحيث يمكن للمستخدم مراجعة ما تم تخزينه، تعديله، أو حذفه نهائيًا، مما يوفر طبقة إضافية من الشفافية والثقة.
الذكاء الاصطناعي يصبح شخصيًا أكثر
اللافت في هذه الميزة ليس فقط قدرتها على تذكّر الملاحظات، بل الطريقة التي يمكن أن تُوظف بها في مجالات مختلفة:
التخطيط الشخصي: تذكير بمواعيد أو أحداث هامة دون الحاجة لتطبيق تقويم.
المساعدة الدراسية: حفظ تواريخ الاختبارات أو المهام المطلوبة.
السفر والتنقل: حفظ عناوين، أرقام حجوزات، أو حتى نصائح حول أماكن معينة.
العلاقات الشخصية: الاحتفاظ بتفاصيل صغيرة تُظهر اهتمامًا وذكاءً في التعامل، مثل تذكّر ما قاله شخص عزيز في حديث عابر.
مخاوف الخصوصية: الحاضر دائمًا في كواليس الذكاء الاصطناعي
رغم الإيجابيات الكثيرة، فإن أي ميزة من هذا النوع لا بد أن تُثير تساؤلات حول أمن المعلومات. كيف سيتم تخزين هذه البيانات؟ وهل يمكن للذكاء الاصطناعي استخدامها لتحسين أداءه بطرق لا يُبلغ بها المستخدم؟
ميتا تؤكد في توجهها أن هذه الميزة ستُبنى على إطار صارم من التحكم والموافقة، بحيث لا يتم الاحتفاظ بأي معلومة إلا بطلب مباشر. كما يُتوقع أن تكون البيانات مخزنة بطريقة مشفرة على خوادم الشركة، مع طبقات حماية متعددة، وربما حتى خيارات لتخزين محلي للمعلومات على الجهاز فقط.
تجربة استخدام أكثر طبيعية: هل نحن أمام “محادثة” حقيقية مع Meta AI؟
بفضل قدرة “Meta AI” على معالجة اللغة الطبيعية وفهم السياق، فإن الطريقة التي يتفاعل بها المستخدم مع الذكاء الاصطناعي باتت تشبه أكثر فأكثر الحديث مع شخص حقيقي. وهذا ما يجعل ميزة التذكّر تتكامل بسلاسة في المحادثة. فبدلاً من صياغة أوامر صارمة، يمكنك ببساطة أن تقول: “بالمناسبة، أريدك أن تتذكّر رقم طاولة حجز العشاء يوم الخميس”، وسيتم تنفيذ الأمر.
تبدو هذه الخطوة وكأنها تهيئ الأرضية لمستقبل لم تعد فيه الحاجة واضحة للفصل بين الإنسان والآلة في التواصل اليومي. الذكاء الاصطناعي هنا لا يقدّم مجرد خدمة، بل يتحول إلى كائن رقمي يفهمك ويتذكّر من أجلك.
الفرق بين الذاكرة المؤقتة والذاكرة طويلة الأمد
من المهم أن نفرّق بين نوعين من “التذكّر” داخل الأنظمة الذكية:
1. الذاكرة المؤقتة: وهي ما يتم استخدامه أثناء جلسة المحادثة فقط، ويُنسى بعد انتهائها.
2. الذاكرة طويلة الأمد: ما تعنيه “ميتا” بهذه الميزة، أي تخزين المعلومة بشكل دائم حتى يُطلب خلاف ذلك.
وجود هذه الذاكرة الطويلة يمنح الذكاء الاصطناعي قدرة أكبر على تقديم تجارب متقدمة، كتخصيص التوصيات أو الربط بين أحداث مختلفة بمرور الوقت.
نظرة مستقبلية: واتساب كمركز ذكاء رقمي شخصي
إذا نظرنا إلى الصورة الأوسع، فإن هذه الخطوة ليست سوى تمهيد لما هو قادم. من المتوقع أن يتحول واتساب من مجرد تطبيق مراسلة إلى محور ذكاء شخصي، حيث يندمج الذكاء الاصطناعي في كل جوانب الاستخدام:
- كتابة الرسائل بصياغات مقترحة.
- تلخيص المحادثات الطويلة.
- البحث عن المعلومات داخل الرسائل بسرعة مذهلة.
- المساعدة في إنجاز مهام يومية مثل الحجوزات أو البحث عن منتجات.
وفي قلب كل هذا، ستكون ميزة الذاكرة الجديدة حجر الأساس.
والميزة القادمة من ميتا داخل واتساب ليست مجرد تحسين على مستوى واجهة الاستخدام، بل تمثل نقلة نوعية نحو حقبة يتماهى فيها الذكاء الاصطناعي مع تفاصيل حياتنا اليومية. وبفضل التحكم الكامل للمستخدم، تبدو هذه الخطوة كأنها تقدم أفضل ما في العالمين: ذكاء اصطناعي قوي، وخصوصية محفوظة.