في خطوة مفاجئة أثارت اهتمام الأوساط التقنية والسياسية، قامت إيطاليا بحظر تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني “ديب سيك” (DeepSeek) من متاجر التطبيقات المحلية، لتصبح بذلك أول دولة أوروبية تتخذ مثل هذا الإجراء. يأتي هذا القرار في ظل مخاوف متزايدة بشأن كيفية تعامل التطبيق مع البيانات الشخصية للمستخدمين.
خلفية عن تطبيق “ديب سيك”
“ديب سيك” هو تطبيق ذكاء اصطناعي صيني أُطلق في يناير 2025، وسرعان ما اكتسب شهرة واسعة بفضل قدراته المتقدمة وتكلفته المنخفضة مقارنة بالتطبيقات المنافسة مثل “تشات جي بي تي” (ChatGPT). ومع ذلك، أثار التطبيق جدلاً عالميًا بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية والأمان.
أسباب الحظر في إيطاليا
1. ممارسات جمع البيانات الغامضة
أعربت هيئة حماية البيانات الإيطالية، المعروفة باسم “غارانتي” (Garante)، عن قلقها العميق إزاء نقص المعلومات حول كيفية جمع وتخزين واستخدام بيانات المستخدمين من قبل “ديب سيك”. طلبت الهيئة تفاصيل محددة حول:
- نوعية البيانات التي يتم جمعها.
- مصادر هذه البيانات.
- أغراض جمعها.
- الأساس القانوني لمعالجتها.
- أماكن تخزينها، مع التركيز على إمكانية تخزينها في الصين.
2. عدم التعاون مع السلطات الإيطالية
في ردها على استفسارات الهيئة، أشارت الشركات المالكة لتطبيق “ديب سيك” إلى أنها لا تعمل في إيطاليا وبالتالي لا تخضع للتنظيمات الأوروبية. وُصف هذا الرد بأنه “غير كافٍ”، مما دفع الهيئة إلى اتخاذ إجراءات أكثر صرامة.
تداعيات الحظر
إزالة التطبيق من المتاجر: تم حذف تطبيق “ديب سيك” من متاجر “أبل” و”غوغل” في إيطاليا، مع ظهور إشعار للمستخدمين يفيد بعدم توفر التطبيق في البلاد.
استمرار الوصول عبر الوسائل الأخرى: رغم الحظر الرسمي، تمكن بعض المستخدمين من الوصول إلى التطبيق عبر الشبكات الخاصة الافتراضية (VPN) أو من خلال النسخة الإلكترونية.
ردود الفعل الدولية
لم يكن الحظر الإيطالي حدثًا منعزلًا. فقد أعربت هيئات حماية البيانات في دول أخرى، مثل أيرلندا وفرنسا، عن مخاوف مشابهة بشأن ممارسات جمع البيانات لتطبيق “ديب سيك”.
كما أصدرت وزارة الشؤون الرقمية في تايوان قرارًا بحظر استخدام التطبيق في الوكالات الحكومية والمدارس العامة والشركات المملوكة للدولة، مشيرة إلى مخاطر تتعلق بأمن المعلومات الوطني.
السياق الأوسع
يُعَدُّ تطبيق “ديب سيك” من أحدث الأمثلة على التحديات التي تواجهها الحكومات في موازنة الابتكار التكنولوجي مع حماية الخصوصية والأمان. ومع تزايد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، تبرز الحاجة إلى تنظيمات واضحة تضمن استخدامًا آمنًا ومسؤولًا لهذه التكنولوجيا.
الخاتمة
يُبرز قرار إيطاليا بحظر تطبيق “ديب سيك” التزامها بحماية خصوصية مواطنيها وضمان أمان بياناتهم الشخصية. ومع استمرار تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، ستظل مثل هذه القرارات محورية في تشكيل مستقبل استخدام هذه التكنولوجيا على الصعيدين الوطني والدولي.
