أبل تُراهن على الذكاء الاصطناعي لإنقاذ بطارية آيفون: قفزة ذكية في إدارة الطاقة

في الوقت الذي تتسابق فيه الشركات التكنولوجية على ضخّ ميزات الذكاء الاصطناعي في كاميرات الهواتف وتطبيقات التصوير وتحسين نتائج البحث، يبدو أن “أبل” تخطط لاستخدام هذا السلاح السري في ساحة مختلفة تمامًا: عمر البطارية.
نعم، ما تقرأه صحيح. تشير التسريبات والتقارير التقنية الحديثة إلى أن أبل تعمل على دمج خوارزميات ذكاء اصطناعي متقدمة ضمن أنظمة إدارة الطاقة في أجهزة iPhone المستقبلية، بهدف تحسين كفاءة استهلاك البطارية، وتمديد فترات الاستخدام اليومي، وكل ذلك بدون الحاجة إلى زيادة حجم البطارية أو التضحية بالأداء.
فكيف تنوي أبل فعل ذلك؟ وما الذي يعنيه هذا بالنسبة لمستخدمي آيفون؟ إليك التفاصيل.
خرافة “بطارية أكبر = أداء أفضل” تنكسر
لطالما كانت الشكاوى من عمر بطارية آيفون موضوعًا ساخنًا بين المستخدمين، خصوصًا مع تزايد الاعتماد اليومي على الهاتف في كل شيء: من التصفح والدردشة، إلى التصوير وتحرير الفيديوهات، وحتى لعب الألعاب الثقيلة.
لكن بدلاً من أن تختار أبل الحل “البسيط” المتمثل في وضع بطارية أكبر (كما تفعل بعض الشركات المنافسة)، يبدو أن فريق كوبرتينو يفضّل الطريق الذكي: تقليل الاستهلاك بدلًا من زيادة السعة.
الذكاء الاصطناعي كمدير طاقة شخصي
تخيل أن هاتفك يعرف متى تستيقظ، ومتى تستخدمه بشكل مكثف، ومتى تضعه جانبًا لساعات. الآن تخيّل أن هذا الهاتف يستخدم هذه المعرفة ليتعلّم نمط استخدامك ويُعدّل استهلاك الطاقة بناءً على سلوكك الفعلي.
هذا ما تهدف إليه أبل: استخدام نماذج AI تتعلم من عادات المستخدم الفردية، وتُدير استهلاك المعالج، الشاشة، الشبكات، وخدمات الموقع بناءً على التوقع الذكي. على سبيل المثال:
- إذا كنت لا تستخدم البلوتوث عادةً بعد منتصف الليل، سيقوم النظام بإيقافه تلقائيًا دون أن تطلب ذلك.
- لو كنت تلعب ألعابًا ثقيلة فقط في عطلة نهاية الأسبوع، فسيقوم الهاتف بتقليل أداء المعالج خلال أيام العمل لتوفير الطاقة.
- إذا لاحظ النظام أنك لا تحتاج أقصى سطوع في بيئة عملك المغلقة، فسيُبقي الشاشة مضبوطة تلقائيًا على الحد الأدنى الكافي.
كل هذا يحدث في الخلفية دون تدخل منك، والنتيجة؟ بطارية تدوم أكثر، وتجربة استخدام أكثر سلاسة.
خوارزميات تعلم الآلة.. تشتغل بصمت
تعتمد أبل على ما يُعرف بـ التعلم المُحلي (On-Device Machine Learning)، وهي تقنية تسمح بتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي مباشرة على الجهاز دون الحاجة لإرسال بيانات المستخدم إلى الخوادم.
هذا يُعزز الخصوصية – وهي ورقة رابحة دائمًا في استراتيجية أبل – ويقلل من استهلاك البيانات، ويجعل الاستجابة فورية. والنتيجة؟ هاتف يفهمك ويتأقلم معك بشكل أفضل يومًا بعد يوم.
ماذا عن تحديث iOS القادم؟
بحسب التسريبات، ستبدأ هذه الميزات بالظهور تدريجيًا مع تحديث iOS 18 أو iOS 19، خصوصًا أن التحديثات الأخيرة ركزت بشكل كبير على تحسين الأداء والكفاءة، لكن دون قفزات نوعية في إدارة البطارية.
ومع اقتراب موعد مؤتمر WWDC السنوي، يُتوقع أن تكشف أبل عن أولى لبنات هذا النظام الذكي الجديد لإدارة الطاقة. وهناك احتمالات قوية بأن يتم دمجه في ميزة جديدة ضمن إعدادات البطارية أو حتى داخل نظام “الأنشطة الحية” (Live Activities) بحيث تتغير الواجهة وفقًا لاستهلاكك اللحظي.
الذكاء الاصطناعي ليس جديدًا على أبل… لكنه الآن أكثر جدية
رغم أن أبل لا تتفاخر باستخدام مصطلح “الذكاء الاصطناعي” في كل مناسبة مثل بعض المنافسين، إلا أن الحقيقة أن تقنياتها مدعومة منذ سنوات بخوارزميات ذكية:
- اقتراحات Siri تعتمد على تعلم سلوكك.
- ميزة الصور الذكية تتعرف على الوجوه والأماكن.
- الكيبورد يقترح الكلمات بناءً على أسلوبك الخاص.
لكن ما تسعى أبل لتطبيقه الآن هو مرحلة جديدة: ذكاء اصطناعي يشتغل خلف الكواليس لتحسين تجربة الاستخدام اليومية دون أن تشعر به.
تأثير هذه القفزة على المستخدمين
بدمج الذكاء الاصطناعي في إدارة البطارية، يمكن أن يحصل المستخدمون على:
- زيادة عمر البطارية من 10 إلى 20% يوميًا.
- أداء ذكي يتغير حسب الظروف بدون الحاجة لتعديل الإعدادات يدويًا.
- تقليل استهلاك الخلفية للتطبيقات غير الضرورية.
- تجربة أكثر تخصيصًا لكل مستخدم على حدة.
ولعل الميزة الأهم: ستظل هواتف آيفون تقدم أداءً قويًا وعمر بطارية مقبولًا حتى بعد سنتين أو ثلاث من الاستخدام، وهو ما يصب في صالح مستخدمي الفئة المتوسطة الذين لا يبدّلون هواتفهم سنويًا.
الذكاء الاصطناعي.. مَن يُسيطر على الطاقة، يُسيطر على اللعبة
في نهاية المطاف، يبدو أن أبل أدركت أن السباق الحقيقي في عالم الهواتف لم يعد فقط حول عدد الكاميرات أو عدد النوى في المعالج، بل حول من يستطيع أن يطيل عمر البطارية دون أن يُضحي بالأداء.
ومع دخول الذكاء الاصطناعي في المعادلة، نقترب أكثر من هواتف “تفهمنا” حرفيًا، وتتصرف بذكاء حقيقي لتقديم الأفضل طوال اليوم.
ومن يدري؟ ربما في المستقبل القريب، سيعرف هاتفك متى تشعر بالتعب ويقترح عليك كتم الإشعارات وأخذ استراحة، كل ذلك بفضل بطارية ذكية تغذيها خوارزميات أذكى.




